فصل: الشاهد الثاني والأربعون بعد الثلاثمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.الخطا - إنهزام الخطا من الغورية:

كان خوارزم شاه تكش لما ملك الري وهمذان وأصبهان وهزم ابن القصاب وعساكر الخليفة بعث إلى الناصر يطلب الخطبة ببغداد فامتعض الناصر لذلك وأرسل إلى غياث الدين ملك غزنة والغور فقصد بلاد خوارزم شاه فكتب إليه غياث الدين يتهدده بذلك فبعث خوارزم شاه إلى الخطا يستنجدهم على غياث الدين ويحذرهم أن يملك البلاد كما ملك بلخ فسار الخطا في عساكرهم ووصلوا بلاد الغور وراسلوا بهاء الدين سام ملك باميان وهو ببلخ يأمرونه بالخروج عنها وعاثوا في البلاد وخوارزم شاه قد قصد هراة وانتهى إلى طوس واجتمع أمراء الغورية بخراسان مثل محمد بن بك مقطع الطالقان والحسين بن مرميل وحروس وجمعوا عساكرهم وكبسوا الخطا وهزموهم وألحقوهم بحيمون فتقسموا بين القتل والغرق وبعث ملك الخطا إلى خوارزم شاه يتجنى عليه في ذلك ويطلب الدية على القتلى من قومه ويجعله السبب في قتلهم فراجع غياث الدين واستعطفه ووافقه على طاعة الخليفة وأعادة ما أخذه الخطا من بلاد الإسلام وأجاب ملك الخطا بأن قومه إنما جاؤا لإنتزاع بلخ من يد الغورية ولم يأتوا لنصرتي وأنا قد دخلت في طاعة غياث الدين فجهز ملك الخطا عساكره إليه وحاصروه فامتنع فرجعوا عنه بعد أن فني أكثرهم بالقتل وسار في أثرهم وحاصر بخارى وأخذ بمخنقها حتى ملكها سنة أربع وتسعين فأقام بها مدة وعاد إلى خوارزم والله تعالى ولي التوفيق.

.ملك خوارزم شاه تكين الري وبلاد الجبل.

ثم سار خوارزم شاه تكين لإرتجاع الري وبلاد الجبل من يد مناجق والبهلوانية الذين انتقضوا عليه فهرب مناجق عن البلاد وتركها وملكها خوارزم شاه واستدعاه فامتنع من الحضور وابتعه فاستأمن أكثر أصحابه ورجعوا عنه ولحق بقلعة من أعمال مازندان فامتنع بها فبعث خوارزم شاه إلى الخليفة الناصر فبعث بالخلع له ولولده قطب الدين وكتب له تقليدا بالأعمال التي بيده ثم سار خوارزم شاه لقتال الملحدة فافتتح قلعة لهم قريبة من قزوين وانتقل إلى حصار قلعة الموت من قلاعهم فقتل عليها رئيس الشافعية بالري صدر الدين محمد بن الوزان وكان مقدما عنده ولازمه ثم عاد إلى خوارزم فوثب الملحدة على وزيره نظام الملك مسعود بن علي فقتلوه فجهز ابنه قطب الدين لقتالهم فسار إلى قلعة مرنسيس من قلاعهم فحاصرها حتى سألوه في الصلح على مائة ألف دينار يعطونها فامتنع أولا ثم بلغه مرض أبيه فأجابهم وأخذ منهم المال المذكور وعاد والله أعلم.

.وفاة خوارزم شاه.

ثم توفي خوارزم شاه تكش بن البارسلان بن أتسز بن محمد أنوشتكين صاحب خوارزم بعد أن استولى على الكثير من خراسان وعلى الري وهمذان وغيرها من بلاد الجبل وكان قد سار من خوارزم إلى نيسابور فمات في طريقه إليها في رمضان سنة ست وتسعين وخمسمائة وكان عندما اشتد مرضه بعث لأبنه قطب الدين محمد يخبره بحاله ويستدعيه فوصل بعد موته فبايع له أصحابه بالملك ولقبوه علاء الدين لقب أبيه وحمل شلو أبيه إلى خوارزم فدفنه بالمدرسة التي بناها هنالك وكان تكش عادلا عارفا بالأصول والفقه على مذهب أبي حنيفة ولما توفي ابنه علاء الدين محمد كان ولده الآخر علي شاه بأصبهان فاستدعاه أخوه محمد فسار إليه ونهب أهل أصبهان فخلعه وولاه أخوه على خراسان فقصد نيسابور وبها هندوخان ابن أخيهما ملك شاه منذ ولاه جده تكش عليها بعد أبيه ملك شاه وكان هندوخان يخاف عمه محمدا لعداوة بينه وبين أبيه ملكشاه ولما مات جده تكش نهب الكثير من خزائنه ولحق بمرو وبلغ وفات تكش إلى غياث الدين ملك غزنة فجلس للعزاء على ما بينهما من العداوة أعظاما لقدره ثم جمع هندوخان جموعا وسار إلى خراسان فبعث علاء الدين محمد بن تكش العساكر لدفاعه مع جنقر التركي فخام هندوخان عن لقائه ولحق بغياث الدين مستنجدا فأكرمه ووعده النصر ودخل جنقر مدينة مرو وبعث بام هندوخان وولده إلى خوارزم مكرمين فأرسل غياث الدين صاحب غزنة إلى محمد بن ضربك نائبه بالطالقان أن ينبذ إلى جنقر العهد ففعل وسار من الطالقان إلى مرو الروذ فملكها وبعث إلى جنقر يأمره بالخطبة في مرو لغياث الدين أو يفارقها فبعث إليه جنقر يتهدده ظاهرا ويسأله سرا أن يستأمن له غياث الدين فقوي طعمه في البلاد بذلك وأمر أخاه شهاب الدين بالمسير إلى خراسان والله أعلم.

.ملوك الغورية - استيلاء ملوك الغورية على أعمال خوارزم شاه محمد تكش بخراسان وارتجاعه اياها منهم ثم حصاره هراة من أعمالهم.

ولما استأمن جنقر نائب مرو إلى غياث الدين طمع في أعمال خوارزم شاه بخراسان كما قلناه واستدعاه أخوه شهاب الدين للمسير إليها فسار إلى غزنة واستشار غياث الدين نائبه بهراة عمر بن محمد المرغني في المسير إلى خراسان فنهاه عن ذلك ووصل أخوه شهاب الدين في عساكر غزنة والغوروسجستان وساروا منتصف سبع وتسعين ووصل كتاب جنقر نائب مرو إلى شهاب الدين وهو بقرب الطالقان يحثه للوصول وأذن له غياث الدين فسار إلى مرو وقاتل العساكر الذين بها من الخوارزمية فغلبهم وأحجزهم بالبلد وسار بالفيلة إلى السور فاستأمن من أهل البلد وأطاعوا وخرج جنقر إلى شهاب الدين ثم جاء غياث الدين بعد الفتح إلى هراة مكرما وسلم مرو إلى هندوخان بن ملك شاه كما وعده ثم سار إلى سرخس فملكها صلحا وولى عليها زنكي بن مسعود من بني عمه وأقطعه معها نسا وأبيورد ثم سار إلى طوس وحاصرها ثلاثا واستأمن إليه أهلها فملكها وبعث إلى علي شاه علاء الدين محمد بن تكش بنيسابور في الطاعة فامتنع فسار إليه وقاتل نيسابور من جانب وأخوه شهاب الدين من الجانب الآخر إليه سقوطه ودخلوا نيسابور وملكوها ونادوا بالامان وجىء بعلي شاه من خوارزم إلى غياث الدين فأمنه وأكرمه وبعثه بالامراء الخوارزمية إلى هراة وولى على خراسان ابن عمه وصهره على ابنته ضياء الدين محمد بن علي الغوري ولقبه علاء الدين وأنزله نيسابور في جمع من وجوه الغورية وأحسن إلى أهل نيسابور وسلم على شاه إلى أخيه شهاب الدين ورحل إلى هراة ثم سار شهاب الدين إلى قهستان وقيل له عن قرية من قراها انهم اسماعيلية فأمر بقتلهم وسبى ذراريهم ونهب أموالهم وخرب القرية ثم سار إلى حصن من أعمال قهستان وهم اسماعيلية فملكه بالامان بعد الحصار وولى عليه بعض الغورية فأقام بها الصواب وشعار الاسلام وبعث صاحب قهستان إلى غياث الدين يشكو من أخيه شهاب الدين ويقول إن هذا نقض العهد الذي بيني وبينكم فما راعه إلا نزول أخيه شهاب الدين على حصن آخر للاسماعيلية من أعمال دهستان فحاصره فبعث بعض ثقاته إلى شهاب الدين يأمره بالرحيل فامتنع فقطع أطناب سرادقه ورحل مراغما وقصد الهند مغاضبا لاخيه ولما اتصل بعلاء الدين محمد بن تكش مسيرهما عن خراسان كتب إلى غياث الدين يعاتبه عن أخذه بلاده ويطلب اعادتها ويتوعده باستنجاد الخطا عليه فماطله بالجواب إلى خروج أخيه شهاب الدين من الهند لعجزه عن الحركة لاستيلاء مرض النقرس عليه فكتب خوارزم شاه إلى علاء الدين الغوري نائب غياث الدين بنيسابور يأمره بالخروج عنها فكتب بذلك إلى غياث الدين فأجابه يعده بالنصر وسار اليه خوارزم شاه محمد بن تكش آخر سنة سبع وتسعين وخمسمائة فلما قرب أبيورد هرب هندوخان من موالى غياث الدين وملك محمد بن تكش مدينة مرو ونسا وابيورد وسار إلى نيسابور وبها علاء الدين الغوري فحاصرها وأطال حصارها حتى استأمنوا إليه واستحلفوه وخربوا اليه فأحسن إليهم وسأل من علاء الدين الغوري السعي في الاصلاح بينه وبين غياث الدين فضمن ذلك وسار إلى هراة وبها أقطاعه وغضب على غياث الدين لقعوده عن انجاده فلم يسر إليه وبالغ محمد بن تكش في الاحسان إلى الحسن بن حرميل من أمراء الغورية ثم سار إلى سرخس وبها الأمير زنكي من قرابة غياث الدين فحاصرها أربعين يوما وضيق مخنقها بالحرب وقطع الميرة ثم سأله زنكي الافراج ليخرج عن الامان فأفرج عنه يوما وضيق مخنقها بالحرب وقطع الميرة ثم سأله زنكي الافراج ليخرج عن الامان فأفرج عنه قليلا ثم ملأ البلد من الميرة بما احتاج إليه وأخرج العاجزين عن الحصار وعاد إلى شأنه فندم محمد بن تكش ورحل عنها وجهز عسكرا لحصارها وجاء نائب الطالقان ممدا لمحمد بن خربك داحس بعد أن أرسل إليه بأنه عساكر الخوارزمية المجمرة عليه وأشاع ذلك فأفرجوا عنه وجاء إليه زنكي من الطالقان فخرج معه ابن خربك إلى مرو الروذ وجي خراجها وما يجاورها وبعث إليه محمد بن تكش عسكرا نحوا من ثلاثة آلاف مع خاله فلقيهم محمد بن خربك في تسعمائة فارس فهزمهم وأثخن فيهم قتلا وأسرا وغنم سوادهم وعاد خوارزم شاه محمد بن تكش إلى خوارزم وأرسل إلى غياث الدين في الصلح فأجابه مع الحسن بن محمد المرغني من كبراء الغورية وغالطه في القول ولما وصل الحسن المرغني إلى خوارزم شاه واطلع على أمره قبض على الحسن وسار إلى هراة فحاصرها وكتب الحسن إلى أخيه عمر بن محمد المرغني أمير هراة بالخبر فاستعد للحصار وقد كان لحق بغياب الدين أخوان من حاشية سلطان شاه عم محمد بن تكش المتوفي في سرخس فأكرمهما غياث الدين وأنزلهما بهراة فكاتبا محمد بن تكش وداخلاه في تمليكه هراة فسار لذلك وحاصر البلد وأميرها عمر المرغني مر إلى الاخوين وعندهما مفاتيح البلد واطلع أخوه الحسن في محبسه على شأن الاخوين في مداخلة محمد بن تكش فبعث إلى أخيه عمر بذلك فلم يسعفه فبعث إليه بخط أحدهما فقبض عليهما وعلى أصحابهما واعتقلهم وبعث محمد بن تكش عسكرا إلى الطالقان للغارة عليها فظفر بهم ابن خربك ولم يفلت منهم أحد ثم بعث غياث الدين ابن أخته البوغاني في عسكر من الغورية فنزلوا قريبا من عسكر خوارزم شاه محمد بن تكش وقطع عنهم الميرة ثم جاء غياث الدين في عسكر قليل لان أكثرها مع أخيه شهاب الدين بالهند وغزنة فنزل قريبا من هراة ولم يقدم على خوارزم فلما بلغ الحصار أربعين يوما وانهزم أصحاب خوارزم شاه بالطالقان ونزل غياث الدين وابن أخته البوغاني قريبا منه وبلغه وصول أخيه شهاب الدين من الهند إلى غزنة أجمع الرحيل عن هراة وصالح عمر المرغني على مال حمله إليه وارتحل إلى مرو منتصف ثمان وتسعين وسار شهاب الدين من غزنة إلى بلخ ثم إلى باميان معترفا على محاربة خوارزم شاه والتقت طلائعها فقتل بين الفريقين خلق ثم ارتحل خوارزم شاه عن مرو فجفلا إلى خوارزم وقتل الأمير سنجر صاحب نيسابور لاتهامه بالمخادعة وسار شهاب الدين إلى طوس وأقام بها إلى انسلاخ الشتاء معتزما على السير لحصار خوارزم فأتاه الخبر بوفاة أخيه غياث الدين فرجع إلى هراة واستخلف بمرو محمد بن خربك فسار إليه جماعة من أمراء خوارزم شاه سنة تسع وتسعين ابن خربك ولم ينج منهم إلا القليل فبعث خوارزم شاه الجيوش مع منصور التركي لقتال ابن خربك ولقيهم على عشرة فراسخ من مرو وقاتلهم فهزموه ودخل مرو منهزما فحاصروه خمسة عشر يوما ثم استأمن إليهم وخرج فقتلوه وأسف ذلك شهاب الدين وترددت الرسل بينه وبين وخوارزم شاه في الصلح فلم يتم وأراد العود إلى غزنة فاستعمل على هراة ابن أخته البوغاني وملك علاء الدن بن أبي على الغوري مدينة مرو وزكورة وبلد الغور واعمال خراسان وفوض إليه في مملكته وعاد إلى غزنة سنة تسع وتسعين وخمسمائة ثم عاد خوارزم شاه إلى هراة منتصف سنة ستمائة وبها البوغاني ابن أخت شهاب الدين الغوري وكان شهاب الدين قد سار عن غزنة إلى لهاوون غازيا فحصر خوارزم شاه هراة إلى منسلخ شعبان وهلك في الحصار بين الفريقين خلق وكان الحسن بن حرميل مقيما بخوزستان وهي اقطاعه فأرسل إلى خوارزم شاه يخادعه ويطلب منه عسكرا يستلمون الفيلة وخزانة شهاب الدين فبعث إليه ألف فارس فاعترضهم هو والحسن بن محمد المرغني فلم ينج منهم إلا القليل فندم خوارزم شاه على انفاذ العسكر وبعث إلى البوغاني أن يظهر بعض طاعته ويفرج عنه الحصار فامتنع ثم أدركه المرض فخشي أن يشغله المرض عن حماية البلد فيملكها عليه خوارزم شاه فرجع إلى اجابته واستحلفة وأهدى وخرج له ليلقاه ويعطيه بعض الخدمة فمات في طريقه وارتحل خوارزم شاه عن البلد وأحرق المجانيق وسار إلى سرخس فأقام بها.